
إن جريمة قتل شرطي حي الرحمة بحد السوالم على يد الدواعش جرت الحديث حول الاسباب و التداعيات الكامنة وراء هذه الحادث المعزول ..و بالتالي طرح السؤال الذي أصبح يفرض نفسه بإلحاح .. هل المقاربة الامنية كافية للحد من هذه الجرائم التي تطورت الى حد تصفية رجال الامن .. ؟ أم أن هناك مقاربات أخرى ينبغي أن تدخل على الخط و بالتالي تساهم بتجفيف منابع الجريمة داخل المجتمع ..
المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي لمحاربة الجريمة، التي باتت تقض مضجع المواطنين المغاربة لان محاربة ظاهرة الإجرام بشتى أنواعه تستدعي، أولا، البحث عن أسبابه ، و بالتالي الانكباب على مكافحته وفق مقاربة شمولية ..
و الجدير بالاشارة أن المغرب بشهادة العالم أنه يولي اهتماماً كبيراً لمكافحة الجريمة بشتى أنواعها و خاصة الإرهاب، حيث تعمل السلطات عن طريق استراتيجية التنسيق بين الأجهزة الأمنية، القبلي والبعدي، أساسا عبر جمع المعلومات الاستخباراتية الضرورية للكشف عن أي خلايا إرهابية محتملة، وذلك بالتعاون مع الدول الأخرى.
كما تعمل الدولة المغربية على تدريب قوات الأمن المغربية لمواجهة الإرهاب، بما في ذلك التعامل مع الأسلحة والمتفجرات والتحقق من الهويات.
ويشارك المغرب بشكل دوري في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، ويتعاون مع الدول الأخرى في مجال تبادل المعلومات وتدريب قوات الأمن.
وأظهرت مجموعة من الأحداث في المغرب مثل الجريمة الأخيرة الأولى من نوعها التي استهدفت السلطات الأمنية و أن هذه الاستراتيجية تأتي بنتائج كارثية في حال نجاحها، رغم قدرة المصالح الأمنية على إيقاف العديد من الدواعش والتي كانت تنوي تنفيذ هجمات “إرهابية” في أنحاء مختلفة من البلاد.
ويتطلب الأمر أيضًا تعزيز الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول لمنع تحركات التنظيمات الإرهابية عبر الحدود الوطنية. بيد أن نجاح هذه “الاستراتيجية” في عديد أحيان يطرح إشكالية الاعتماد على المقاربة الأمنية فقط في مواجهتها.
و يعد الفقر والبطالة التي يعاني العديد من الشباب في المغرب، أسبابا مباشرة لتعرضهم للتجنيد في الجماعات الإرهابية التي تقدم لهم فرصة للحصول على المال والعيش تحت “لواء” ينتمون إليه انتقاما مما يعتبرونه تهميشا في مجتمعهم .
كما قد تكون في مجموعة من الأحايين، التشريعات والقوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب ضعيفة أو غير كافية في بعض الحالات، مما يجعل الدواعش تتمكن من تنفيذ هجماتها بسهولة.
يعد ارتباط الإرهاب والتعليم أو التعليم والإرهاب من القضايا الحساسة في المغرب، حيث يتمتع التعليم بدور كبير في تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع، فيما يعتبر ضعفه أو غيابه سببا رئيسا في تولد الأفكار المتطرفة والإرهابية.
ويعتبر التعليم الناجح والفعال والمنظم والمتاح للجميع بما في ذلك الفئات الفقيرة والمهمشة، من الحلول الرئيسة لمواجهة التطرف والإرهاب في المجتمع المغربي.
ولكن الواقع والأرقام والإحصائيات الرسمية والدولية، تشير إلى أن هذا الهدف لم يتحقق بما يرجى له لدى المغاربة، حيث يعاني النظام التعليمي من مجموعة من التحديات والمشاكل التي تؤثر على جودة التعليم والتمكين الاجتماعي.
ومن أهم الأسباب التي تؤثر على جودة التعليم في المغرب، الفقر والتهميش وضعف التوازن الإقليمي في التعليم، فضلاً عن التحديات التي يواجهها النظام التعليمي المغربي في تطوير مناهج التعليم وتحديثها بما يتوافق مع التطورات العالمية.
ويعتبر العمل على توفير فرص التعليم المتساوية للجميع، بما في ذلك الفئات الفقيرة والمهمشة، وتعزيز قيم الحوار والتسامح والتعايش السلمي بين الثقافات والأديان، وتشجيع النشاطات الثقافية والتعليمية التي تعزز الاندماج الاجتماعي من أبرز السبل المقاومة للتطرف والإرهاب.
و الجدير للاشارة أن مشكلتنا في المغرب و في غالب الاحيان ، لا نبحث عن الأسباب التي تدفع الشباب إلى تعاطي الجريمة ، بل نفضل اختصار الطريق ورميهم في السجن؛ وهذا لن يحد من الظاهرة، طالما أننا لم نعالجها من جذورها ..و ذلك بتدخل الجميع لتجفيف منابع الجريمة و نشر ثقافة التسامح و حب الوطن ..
قم بكتابة اول تعليق