
المنبر المغربية : بقلم الدكتور رضوان غنيمي .. أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعدة التخصصات بالسمارة ..
للسويد ماض أسود من الاعتداءات المتكررة على القرآن الكريم بالحرق والتمزيق ترجع بداياتها الأولى إلى28 غشت 2020 حيث قام 3 ناشطين من “الخط المتشدد” الدنماركي، بإحراق نسخة من القرآن في مدينة “مالمو” السويدية، وبعدها بأقل من عامين قام المتطرف راسموسبالودان بإحراق نسخ من القرآن الكريم في مدن سويدية متفرقة، ففي 14 أبريل 2022 أحرق نسخة من كتاب الله في مدينة لينشوبينغ جنوب السويد تحت حماية الشرطة،ثم بعدها بأقل من شهر في1 مايو 2022 أقدم بالودانمن جديد على إحراق نسخة أخرى من المصحف الشريف أمام أحد المساجد بالسويد، رغم رفض الشرطة منحه الترخيص لفعل ذلك، ثم عاد مرة أخرى في 21 يناير 2023أحرق نسخة أخرى من القرآن الكريم قرب سفارة تركيا بالعاصمة السويدية ستوكهولم، مرة أخرى تحت حماية الشرطة السويدية التي منعت اقتراب أي أحد منه أثناء ارتكابه لهذه الجريمة، وفي نفس السنة يتكرر هذا الفعل الإجرامي مرة أخرى بستوكهولم من قبل نكرة آخر اسمه سلوان موميكا من أصول عراقية، والغريب في هذه المحطات السوداء كلها أن مرتكب الجرم ليس سويديا، لأن بالودان دنماركيوموميكا عراقي لا يجمع بينهما إلا ثقافة الكراهية، وحقد دفين للإسلام والمسلمين، لكن السؤال: لم يحدث ذلك على أرض السويد؟ أتعجز السويد ونظيراتها من الدول الغربية عن تفعيل قانون جرائم الكراهية، في محاولة للحد من الاعتداءات المتكررة على مقدسات المسلمين ورموزهم الدينية؟هل بالفعل تعجز أوربا بترسانتها القانونية التصدي لصور الكراهية الحقيقية تجاه المسلمين؟ماهي حدود مراعاة الجوانب الديبلوماسية من قبل الدول الغربية المُحتضنة للانفلاتات المتكررة في حق الإسلام ورموزه تجاه الدول المسلمة؟هل بالفعل تكون حكومة السويد قد خلت مسؤوليتها تجاه ما يصدر من أراضيها تجاه الإسلام ومقدسات المسلمين بمجرد استنكار ما يحدث كما فعل رئيس وزرائها حين قال: لا تعكس أعمال الاستفزاز والتعصب المعادية للإسلام بأي شكل من الأشكال آراء الحكومة السويدية، أو الأغلبية الشعبية. أم أن موميكا سيكون كبش فداء تقدمه السويد حفاظا على مصالحا مع المسلمين؟ خصوصا أنه لا يعدو كونه لاجئا لم يحصل بعد الجنسية السويدية؟ أسئلة كثيرة تطرق فكري وأنا أتابع تداعيات هذا الفعل الإجرامي العنصري الذي أساء بشكل مباشر إلى مشاعر أكثر من مليار مسلم في فترة مقدسة تتزامن وموسم الحج وعيد الأضحى المبارك، ولعلها التداعيات الأكبر بعد مسلسل الاعتداءات المتكررة على رموز الإسلام ومقدساته، خصوصا من جانب الدول والحكومات التي استنكرت هذا الفعل واستدعت سفراءها قصد التشاور ومنها المملكة المغربية بتعليمات سامية من أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، تم استدعاء القائم بأعمال السويد بالرباط، واستدعاء سفير جلالة الملك بالسويد إلى المملكة قصد للتشاور.
كل هذا الحقد للإسلام ورموزه، جعلني فجأة أتساءل: لم لا يفعل المسلمون بمقدسات غيرهم مثل ما يفعل بعض سفهائهم بمقدساتنا؟ ثم نظرت فوجدت عمق نظر المسلمين وقد فقهوا ألا مقدّس للأباعد، أيعتقد موميكا ومن سار على دربه من سلفه ومن سيلحقه من خلَفه أن حرق صفحات من كتاب يقدسه ما يقارب الملياري إنسان شجاعة؟، أم أنه الباب المسدود الذي وصلوا إليه، والإفلاس الفكري والإحباط التام الذي نخر نفوسهم فتطلبوا التغيير في الاعتداء على مقدسات غيرهم بعد أن سلّموا ألا مقدّس لهم؟
لقد علّمنا التاريخ أن حالات من الشذوذ الفكري، والإفلاس الحضاري، تُطل برؤوسها في محاولات يائسة أن تنغص على الإنسانية انسجامها، وأنها سرعان ما يأفل نجمها مهما كانت دوافعها ومرجعياتها، وخلفيات انبعاثها، لأن القرآن الكريم أخبرنا أنه لا ينبعث إلا أشقاها، وقد علمنا التاريخ أيضا أن السادة لا يلتفتون إلى الأقزام وإذا كان موميكا في لحظة من لحظات طيشه قد انتشى بسكرة استقوائه وهو مختبئ خلف شرطة ستوكهولم، فإنه بذلك يكون قد تزبب قبل أن يتحصرم لأنه أهون وأقل وأدنى من أن تخسر السويد من أجله مصالحها الاقتصادية والسياسية والجيوستراتيجية، ولن يكون حاله أفضل من حال راسموسبالودان وهو منهم.
قم بكتابة اول تعليق