عبادي.. بين النِّفاق الأخلاقي والبراغماتية السياسية

المنبر المغربية :

في كَنف أزمة غزة، اغتنم محمد عبادي الأمين العام لجماعة العدل والإحسان الفرصة، بل الفرص الكثيرة، ليُجيش الأتباع والمُريدين، ويُحيي هياكل الجماعة المُحتضرة، التي تكاد تخرج من “الأجداث” وهي رَميم.
ومن مُفارقات “كبير” جماعة العدل والإحسان أنه خَرج يَدعو المغاربة للتبرع لفائدة ضحايا حماس، بَيد أنه لم يَنبس ببِنت شَفة عندما كان المغاربة يتضامنون فيما بينهم أيام الجائحة الصحية، بل إن الرجل انبرى وقتها يُخوِّف المغاربة من “الدَّلالات الرَّبانية” للفيروس، الذي اعتبره جُند من جنود الله المُسلط على العِباد والرِّقاب!
وهنا نتساءل كذلك: أين كان “وريث المرشد العام” وخليفته في جماعة العدل والإحسان عندما كان المغاربة يتبرعون لفائدة ضحايا الحوز وشيشاوة وتارودانت وورزازات وغيرها؟ لماذا لم يُطالب وقتها الأتباع والشيوخ بأن يَجعلوا تبرعاتهم النقدية والعينية المفترضة مدِرارا كصَيِّب السماء الذي يُغني به الله الأرض والأنام.
من المؤكد أن محمد عبادي لم يَفعل ذلك، ولم يَخرج في ساعات المِحن الحقيقية، لأنه يََعلم جيدا أن لا مكان ولا شَرعية له في ضرَّاء المغاربة، لأن هناك مَلكا وعاهلا يَضُره ما يَضُر المغاربة ويُبهجه ما يُبهجهم، وهو القادر على تَدبير شؤونهم في المِحن بعد قُدرة الله سبحانه وتعالى.
ولم يكتف “شيخ” العدلاويين بمطالبة المغاربة بالتبرع لفائدة مُقاتلي حماس، بيد أنه كان يَخيط جُيوبه وفمه عندما كان المغاربة يمتحنون بشيء من الخوف والجوع ونقص في الأموال والأنفس والثمرات أيام الزلزال، بل طالب أتباعه “بإعطاء البرهان على التضحية”، وفي ذلك تأكيد وتَوكيد “لفتوى” قتل اليهود التي شاركت في بَلورتها وتَعميمها الهيئة العلمية لجماعة العدل والإحسان، قبل أن تَرتد عنها خائفة مُرتجفة من قَصاص العدالة والقانون.
ومثلما هي عادتهم دائما، وهي التحريض والتجييش مع الانزواء إلى الخلف، مثل قوم موسى إذ طالبوه ورَبَّه بالقتال بينما هم قاعدون، فقد طالب محمد عبادي ممن سمّاهم “الوعاظ والدعاة بالنزول إلى الشارع، لتربية الشباب على الفتوة”، لأن “المعركة طويلة” بحسب تعبيره دائما. فالرجل يُحرض على “الفُتوة” التي اقترنت اصطلاحا عند الناس بنظام “العِصابات وجَمع الإتاوات بالعنف”!
ورغم أن محمد عبادي استعمل أسلوب “التورية”، عندما تدثر برداء “اللا عنف”، ولسان حاله كان يَقصد المَعنى البعيد وهو العنف، فقد انفضح الرجل وفَضحته كلماته عندما رَدَّد بشكل مُمنهج عبارات “التضحية والفُتوة” وراهن على “استعمال أسلحة الجيوش العربية”.
إن أكبر نَكبة حقيقية أصيبت بها “فلسطين” بعد نَكبة سنة 1948، هي أنها أصبحت تِجارة مُزجاة يَكتال منها المُطففين من تُجّار الدين وسماسرة العقيدة، وفي طليعتهم جماعة العدل والإحسان وأمينها العام محمد عبادي، الذي يَسكت عندما يُبتلى المغاربة ويَخرج ليهذي (من الهذيان) عندما يَتعلق الأمر بالاتجار غير المشروع في قضايا فلسطين ..




قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


65 − 62 =