الداكي : التحول الرقمي لمنظومة العدالة.. رافعة لعدالة ناجعة وشمولية

المنبر المغربية :

كشف الحسن الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، التحول الرقمي الذي تشهده منظومة العدالة اليوم، يُعد مؤشرا قويا على الإرادة الراسخة الرامية إلى الانخراط الفعلي والمتواصل في هذا الورش الإصلاحي الكبير الذي من شأنه الارتقاء بفعالية تدبير القضايا وتطوير جودة تدبير القضايا، والبت فيها داخل آجال جد معقولة وترسيخ الثقافة الرقمية في مجال العدالة والرفع من منسوب الثقة في منظومتها لدى مختلف الفاعلين والمتدخلين في إنتاجها.
و أبرز  في كلمة له بمناسبة افتتاح فعاليات افتتاح الندوة الدولية المنعقدة تحت شعار: “التحول الرقمي لمنظومة العدالة: رافعة لعدالة ناجعة وشمولية”، المنظمة من طرف وزارة العدل بطنجة على مدار يومي 08 و09 فبراير 2024، أن رقمنة المساطر، والإجراءات القضائية تعتبر من المداخل الأساسية لتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة المطلوبتين، بالنظر لما يوفره استثمار الوسائل الرقمية والتكنولوجية في العمل اليومي للإدارة وفي علاقاتها مع مرتفقيها من جودة وثقة من خلال الحصول على الخدمات المطلوبة بشكل ميسر، وشفاف، ودون إثقال كاهل العاملين بالمؤسسة القضائية بكثرة الاستقبالات ، كما أن التوظيف الرشيد لما تتيحه التكنولوجيا من مزايا من شأنه تعزيز القدرة التنافسية للإدارة القضائية بما يؤهلها للقيام بأدوارها الطلائعية في تحفيز وحماية الاستثمار من جهة وتكريس حكامة المرفق القضائي من جهة أخرى.
واعتبر المتحدث ذاته أن رقمنة العدالة أحد المداخل الرئيسية لمواصلة تنزيل النموذج التنموي الجديد الذي تتطلع إليه بلادنا، والذي يرتكز على مجموعة من المرتكزات من بينها الارتقاء بتجويد العدالة ونجاعتها، ولتحقيق هذه الغاية فإننا موقنون أن جهود جميع الفاعلين في هذا المجال يقتضي تضافرها من أجل رفع التحديات التي تعترض تسريع وثيرة الرقمنة، في مقدمتها التحدي التشريعي الذي يتطلب جهودا خاصة في سبيل تذليل الصعاب من أجل إيجاد الإطار القانوني لاعتماد مخرجات الاستعمال المتزايد للوسائل التكنولوجية في أفق اعتمادها كليا في تدبير المساطر والإجراءات، هذا بالإضافة إلى التحدي الذي يفرضه رصد المساطر المتسمة بالتعقيد، وتحديد السبل الكفيلة بتبسيطها، وجعلها قابلة للرقمنة لفائدة المرتفقين.
و تابع الداكي قائلا إن “إقامة نظام متين للرقمنة، هو تحد قادرون على رفعه بعدما كانت لنا تجربة متميزة في ظل جائحة كوفيد بسبب الحجر الصحي الذي عرفته بلادنا على غرار سائر بلدان العالم، والتي شكلت فترة اختبار لقياس مدى قدرة وجاهزية العدالة المغربية لتبني خيار الرقمنة وجعلها واقعا ملموسا من خلال تجربة المحاكمة عن بعد وكذا تدبير العديد من الإجراءات رقميا حيث كان للتعاون المؤسساتي الدور الأساس في رفع كل التحديات التي كانت مطروحة كمعيقات وكسب رهان استمرار تصريف العمل القضائي بالمحاكم”، كما اعتبر موضوع التحول الرقمي لمنظومة العدالة من بين الأوراش الكبرى التي  تجسد التقائية المجهودات التي تقوم بها مختلف مكونات العدالة سواء على مستوى وزارة العدل، أو المجلس الأعلى للسلطة القضائية أو رئاسة النيابة العامة ، وفي هذا الإطار واستحضاراً منها للأهمية التي تشكلها الرقمنة كآلية رافعة لتطوير أداء العدالة وتجويد خدماتها ببلادنا، عبأت رئاسة النيابة العامة كل امكانياتها البشرية واللوجيستيكية لإنجاح هذا الورش الكبير، عبر اتخاذ مجموعة من الخطوات الهادفة إلى إذكاء استعمال تقنيات المعلوميات في إطار تدبير عملها الداخلي من خلال إحداث عدة تطبيقيات معلوماتية لتسهيل تتبع العمل اليومي للنيابات العامة لدى المحاكم بالإضافة إلى اعتماد الرقمنة في تدبير الشكايات والمحاضر، كما تم وضع العديد من المنصات الرقمية لتبادل المعطيات مع بعض الشركاء كما هو الشأن بالنسبة لقاعدة البيانات المعلوماتية المحدثة بين النيابات العامة ووحدة معالجة المعلومات المالية، وقاعدة تبادل المعطيات مع بنك المغرب، والنظام المعلوماتي لتبادل المذكرات بين رئاسة النيابة العامة، والوكالة القضائية للمملكة بالإضافة إلى مجموعة من التطبيقيات الأخرى.
ولقد توج انخراط رئاسة النيابة العامة في مسار الرقمنة بحصولها على جائزة التميز للدورة الرابعة عشر للجائزة الوطنية للإدارة الرقمية خلال سنة 2022 عن خدمة الشكاية الإلكترونية التي تسمح للمواطنين والأجانب سواء المقيمين منهم بالمغرب، أو خارجه من وضع شكاياتهم، وتتبع مآلها عن بعد من هواتفهم المحمولة، ومن منازلهم دون عناء التنقل.
واستشرافاً منها للمستقبل، يضيف المتحدث ذاته، فإن رئاسة النيابة العامة عاقدة العزم على مواصلة الإسهام في برنامج التحول الرقمي إلى جانب وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والعمل على تنزيله في إطار التعاون، والتنسيق المشترك فيما بين هذه المكونات، كما ستعمل على مواصلة تنفيذ مخططها الاستراتيجي والذي يرتكز على عدة مرتكزات من بينها تعزيز رقمنة الإجراءات القضائية وتبسيطها وهي استراتيجية تتقاطع في العديد من محاورها مع ما جاء في المخطط الاستراتيجي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية 2021-2026.




قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


− 3 = 2