
خطاب المسيرة الخضراء 2024
عناصر التواصل / محور المغاربة المقيمين بالخارج
يستحضر الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء ،
في محور أول وكامتداد للخطاب الملكي لافتتاح البرلمان في أكتوبر 2024، التقدم المحرز والتحديات التي يتعين رفعها في مجال الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.
وفي محور ثان، مرتبط رمزيا بالأول ووثيق الاتصال به، أعلن جلالة الملك عن “منعطف جديد في مجال تدبير شؤون الجالية المغربية المقيمة بالخارج، “هندسة ملكية” كبرى للمنظومة المؤسساتية التي تتولى تدبير شؤون الجالية المقيمة بالخارج.
ويأتي هذا “المنعطف المؤسساتي” الذي دشنه جلالة الملك، منسجما مع الخطاب الملكي في غشت 2022، والذي قام فيه جلالته بتشخيص واضح للحكامة الحالية لموضوع المغاربة المقيمين بالخارج، حيث دعا إلى إعادة التفكير العميق في عمل الدولة تجاه هذه الفئة. وتبعا لذلك، تم التحضير لعمل في هذا الاتجاه على مستوى القطاعات الوزارية المعنية، في إطار لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة.
ثلاثة أفكار رئيسية وردت في الخطاب قبل تحديد الإصلاح و”الهيكلة المؤسسية الجديدة”:
1. إن أشكال الروابط والتعبيرات عن ارتباط المغاربة المقيمين بالخارج ببلدهم الأصلي أصبحت اليوم عديدة ومتنوعة. تطور أساسي يجب أن يأخذه عمل الدولة ومختلف الفاعلين بعين الاعتبار من أجل تعزيز هذه الروابط أكثر، في إطار استراتيجية متجددة للتأطير الثقافي واللغوي والديني والهوياتي.
2. المغاربة المقيمون بالخارج سفراء ومدافعون باستمرار عن القضية الوطنية، ومن هنا جاء هذا الربط، الذي يكتسي دلالة رمزية بالغة في خطاب 6 نونبر، بين القضية الوطنية وقضية الجالية المغربية المقيمة بالخارج. وباستثناء عدد قليل من المهمشين، الخاضعين لأجندات خارجية، فإن الجالية المغربية بجميع أنحاء العالم معروفة بوطنيتها المتقدة، وتشبثها المتين والراسخ بثوابت الأمة، من خلال دفاعها الحيوي عن القضية الوطنية.
3. ومن خلال وطنيتها ودفاعها الحيوي والعفوي عن القضية الوطنية، أظهرت الجالية المغربية المقيمة بالخارج أنها حصن متين ضد كل النزعات الانفصالية وإغراءات المعارضة المضللة، وحتى الخائنة التي تستهدف مصالح الأمة. لم تنخرط الجالية المغربية بالخارج أبدا في هذا المخطط، ولم تبد أي تضامن مع ألاعيب “معارضة الخارج” لاستهداف البلاد ومؤسساتها.
يشكل المغاربة المقيمون بالخارج رافعة أساسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمغرب. وكما يعكسه التزايد المستمر لحجم تحويلاتهم المالية، فهم مهتمون بشدة بتنمية بلدهم الأصلي، ويطمحون إلى مساهمة أكبر في هذه التنمية، لا سيما في ما يتعلق بالاستثمارات، ونقل الكفاءات والمعرفة. ويجب القيام بكل شيء من أجل إشراك المغاربة المقيمين بالخارج في مسلسل التنمية، ومن أجل إتاحة كل الفرص أمام الكفاءات والمواهب المغربية في الخارج.
إصلاح الهيئات المكلفة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذي أمر به جلالة الملك، يرتكز إلى بنية مؤسسية جديدة تقوم على ركيزتين:
مجلس الجالية المغربية بالخارج: مؤسسة دستورية ذات دور تداولي واستشاري. واليوم، يتعلق الأمر بإصدار القانون المتعلق بمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتجديد تشكيلته، حتى يصبح أكثر تمثيلا، وجعله فضاء للنقاش والتبادل، وقوة اقتراحية حقيقية.
المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج: وكالة عمومية جديدة سيتم إحداثها، لتشكل “الذراع التنفيذية” للسياسة العمومية تجاه المغاربة المقيمين بالخارج.
نحن أمام مؤسسة كبرى ستضطلع بأدوار وازنة. حقائق جديدة، طموح جديد، و”ثورة مؤسساتية”.
من هنا تأتي تسمية “المحمدية” التي تترجم:
1. العناية السامية التي يخص بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس مغاربة العالم، اعتبارا لخصوصية الروابط الروحية والبيعة التي ما فتئت تجمع هذه الشريحة من المواطنين بالملكية المغربية،
2. الطبيعة الاستراتيجية بامتياز التي تكتسيها المؤسسة الجديدة للمغاربة المقيمين بالخارج،
3. الضرورة الأخلاقية والرمزية التي ستقع على عاتق هذه المؤسسة، حتى تكون في مستوى انتظارات جلالة الملك، والمغاربة المقيمين بالخارج.
ستتمثل مهمتها في تجميع الصلاحيات المتفرقة حاليا بين فاعلين كثر، وفي المقام الأول القطاع الحكومي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج (الذي ما فتئ يتغير شكله وارتباطه بتغير الحكومات).
ستتمثل مهمتها، أيضا، في تحضير وتأمين تنسيق وتنفيذ “الإستراتيجية الوطنية للمغاربة المقيمين بالخارج”.
ستتمثل مهمة المؤسسة الجديدة في تدبير “الآلية الوطنية لتعبئة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج”، التي أمر جلالة الملك بإحداثها. ويتعلق الأمر هنا بمهمة أساسية وواعدة في إطار الدفعة الجديدة التي أخذتها العلاقات متعددة الأبعاد للمغاربة المقيمين بالخارج مع بلدهم الأم. هكذا، ستحظى الكفاءات والمواهب المغربية المقيمة بالخارج (أخيرا) بمنصة/محاور وحيد ومُعين، يمتلك الصلاحيات والوسائل.
سيكون من بين مهام المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج تنسيق/تنشيط أعمال التأطير اللغوي، الثقافي والروحي وإيصال صوت وانتظارات المغاربة المقيمين بالخارج إلى مختلف الإدارات والمؤسسات الوطنية. ويتمثل التحدي المطروح أمامها في إعطاء دفعة جديدة لآليات تأطير المغاربة المقيمين بالخارج، والتي يحتاج بعضها بشكل كبير إلى التحديث والمرونة.
وفي هذا الصدد، يتعين أن تكون المؤسسة الدعامة الأساسية من أجل عرض ثقافي عصري ومتعدد موجه لمختلف أجيال المغاربة المقيمين بالخارج. ويبحث مغاربة العالم بكافة الوسائل، عن تعزيز ارتباطهم بالمملكة. ويريدون إطلاع أطفالهم على دينهم، وثراء تاريخهم، ولغتيهم الوطنيتين.
كما أبرز صاحب الجلالة، ستكون هذه المؤسسة الجديدة مدعوة إلى رفع تحدي تبسيط المساطر الإدارية بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج. ويتعين أن تنكب على هذا الموضوع بحزم، من خلال رفع رهان رقمنة أكبر عدد من الخدمات والمساطر الإدارية.
من جهة أخرى، دعا صاحب الجلالة إلى فتح آفاق جديدة لاستثمارات المغاربة المقيمين بالخارج على مستوى المملكة. لأنه وعلى الرغم من برامج التحفيز المتعددة، أنجز المغاربة المقيمون بالخارج 10 بالمئة فقط من الاستثمارات الخاصة بالمغرب، مما يدعو إلى مراجعة للآليات الحالية، بتنسيق وثيق مع المراكز الجهوية للاستثمار، والصناديق العمومية، بشراكة مع الأبناك المغربية.
إجمالا، تعتبر إعادة الهيكلة المؤسساتية لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج، التي أطلقها صاحب الجلالة، لحظة تحول، من شأنها ترشيد مشهد المتدخلين المتعددين في المجال، وإعطاء رؤية أوضح في المجال، بعد تجربة من التردد حول ارتباط “قطاع” المغاربة المقيمين بالخارج.
(لتغذية النقاش) تساؤلات مفتوحة من أجل التنزيل الجيد للهيكلية الجديدة كما يريدها صاحب الجلالة :
الوضع القانوني؟ مؤسسة عمومية استراتيجية، تعيين ملكي للمسؤول، …
مؤسسة تتوفر على مجلس للإدارة / التوجيه، مما يسمح بإشراك جميع الفاعلين والأطراف المعنية، ..
دور هام للعمل بتعاون وثيق مع الشبكة الدبلوماسية والقنصلية
ما هو الوضع الذي ستتمتع به “آلية الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج”: تفضيل المرونة على الأساليب البيروقراطية، والاستجابة للانتظارات ذات الأولوية للمواهب بالخارج، وتنظيم كأس العالم 2030 كنموذج ملموس لتعبئة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، …
وسيكون النجاح رهينا بالبروفايلات/الموارد البشرية بالقطاع (التي هي في حاجة إلى التغيير أيضًا على هذا المستوى)
وكيف يمكن أن نجعل من المؤسسة الجديدة أيضًا فاعلًا ديناميكيا في الدبلوماسية غير الرسمية، من خلال الآليات المناسبة لتعبئة المغاربة المقيمين بالخارج (بحسب واقع كل دولة استقبال).
قم بكتابة اول تعليق