الدكتور رضوان غنيمي : مسؤولية تدهور الحالة الوبائية مشتركة ..و الجهات المختصة مطالبة باتخاذ قرارات جريئة ومصيرية حماية للبلاد و العباد

جريدة المنبر المغربية : بقلم الدكتور رضوان غنيمي ..استاذ التعليم العالي بكلية متعددة التخصصات بالسمارة

ماذا تعلم الناس من كورونا؟ وباء جثم على صدورنا وما يزال، يتساقط الناس من حولنا أقاربنا، أحباؤنا، أصدقاؤنا، زملاؤنا، جيراننا، أناس كنا نسمع عنهم…يضرب هذا فيوجعه، ويصادف الآخر فيصرعه، ويتمكن من الثالث فيُقبره ونحن في حيرة وذهول كأننا ما استطعنا بعد أن نتخذ موقفا واضحا تجاه هذا الوباء أعدو هو حقا فنحاربه –وهي الحقيقة أو… (وأترك للمشككين القوس مفتوحا كلٌّ يضع الوصف الذي يعجبه) ليس هذا تشكيكا ولكنه لسان حال واقع نعيشه في ظل الارتفاع المهول والخطير لعدد الإصابات اليومية وفق إحصائيات وزارة الصحة بغض النظر عن نسبة كبيرة من المصابين الذين لا يعلمون بعد أنهم مصابون، ولا الذين فضلوا كتم إصابتهم بالفيروس لأسباب واعتبارات هم الأعلم بها وظنوا أنهم مؤهلون للتعايش معه فطفقوا يتحركون بيننا كالقنابل الموقوتة حيثما حلّت حلّ معها الدمار،ناهيك عن فئة عريضة من المصابين الذين يعانون في صمت وقد أقعدتهم قلة ذات اليد،فيمموا وجوههم إلى السماء أملا في رحمة تتنزل من الله فتكتنفهم، أو يتخطفهم الموت بهدوء وهم في الظل قابعون، بعد أن اقتنعوا ألاّ مكان لهم بين صفوف المصابينالمدججين بالملايين،المنتظرين على أبواب المصحات الخاصة التي تطور منحنى مواقفهاخلال هذه الأزمة، ذلك أنها أظهرت في بدايتهاليونة حاولت من خلالها أن تتزين بزي المواطنة، ثم مع مرور الوقت بدأ جلبابها المستعار يتآكل مع إقبال الناس المتزايد لتزداد مواقفها صلابة إلى أن سيطر الجشع على أصحابها بشكل أصبح الناس يتحدثون فيه عن 10000 آلاف درهم لليلة الواحدة، أما إذا نظرت من الزاوية الأخرى لهذا الواقع واجهك استهتار واستخفاف فئة عريضة من المجتمع بما يُفترض فيه نجاتهم،-الالتزام بالإجراءات الاحترازية- يغذي هذا التراخي وهذا الاستخفاف المواقف المحتشمة والمتذبذبة للجهات المسؤولة عن تتبع مدى التزام المواطنات والمواطنين بقرارات رئاسة الحكومة، ووزارتي الداخلية والصحة، مما يجعل المسؤولية مشتركة بين جميع مكونات المجتمع فيما وصلنا إليه على مستوى الحالة الوبائية المتدهورة التي قد تعصف بكل الجهود المبذولة من قبل، وإن كنا اليوم جميعا نراهن على إنجاح التلقيح باعتباره ورشا وطنيا كبيرا وفيه المأمن إلا أن ذلك لا ينبغي أن ينسينا ضرورة حسن تدبير المرحلة والتعاطي مع مستجداتها الخطيرة موازاة مع التقدم السريع والملموس لعملية التلقيح.

إن مسؤولية تدهور الحالة الوبائية بالبلد اليوم مشتركة ولا شك كما أسلفت، لكن بنسب جد متفاوتة إذ شتان بين فتوى المفتي وحكم القاضي، وأرى أن الوقت -وإن ضاق-لا زال يسمح باتخاذ خطوة يمكن من خلالها تدارك بعض ما فات، والجهات المختصة مطالبة على وجه الحتم باتخاذ قرارات جريئة ومصيرية حماية لحياة الناس وإلا فالمؤشرات الحيوية لنبض الواقع تنبئ عن غذ مظلم على مستوى الحالة الوبائية وقد بدأنا نسمع بأناس يحملون أموالهم وشيكات على بياض مقابل سرير وأنبوبة غاز، ونسمع عن مدن انعدم فيها مكان في مستشفى لمريض، ليست هذه صورة سوداء أرسمها من نسج الخيال وإنما هي الحقيقة البادية الظاهرة لكل من أراد أن يرى بعين الواقع أما من كان شأنه شأن النعامة فإنه لا يرى ما نرى،لا نريد أن نصير إلى ما صار إليه الكُسعي فيصدُق فينا قول العرب قديما -أندم من الكُسعي-

الناظر في واقعنا اليوم في إطار تفاعلنا مع هذا الوباء يجد صعوبة في استيعاب ما يقع، وكيف يستطيع الناس في مجتمع واحد الجمع بين المواقف والحقائق المتصادمة التي لا يقبل العقل اجتماعها، نريد أن نسافر، ونريد أن نجتمع، نريد المسابح، نريد الشواطئ، نريد المطاعم، نريد الحفلات، نريد المقاهي، فإذا تحقق لنا ذلك، فإننا لا نريد وضع كمامة، ولا نريد ترك العناق، فإذا تحقق لنا ذلك، فإننا نريد ألا يصاب الناس، ونريد ألا يموت الناس، ونريد أن نجد المستشفيات، ونريد تحقق الرعاية لكل مصاب… بربي وربكم أي قوم نحن؟، وكيف لعقل يفكر بهذه الأنانية المقيتة أن يفلح؟

هناك حلقة مفقودة …




قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


91 − = 84