الدكتور رضوان غنيمي : جلالة الملك محمد السادس و مبادرته الخلاقة في إحداث صندوق تدبير جائحة كورونا

الدكتور: رضوان غنيمي

أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم الشرعية ــ  السمارة  ــ

دون سابق إشعار ومن حيث لا نحتسب وجدنا أنفسنا أمام حرب فرضت على الإنسانية فرضا متمثلة في وباء فيروس كورونا المستجد ، و في هذه الحالة ظهرت حاجتنا إلى التقارب بدل التباعد، والتعاون بدل التخاذل، بعد أن دهمنا من الأقدار وصنوف الابتلاءات ما لا طاقة لنا به،و في هذا الصدد بادر جلالة الملك محمد السادس نصره الله و منذ ظهور هذا الوباء بمدينة ووهان الصينية الى إعطاء تعليماته السامية الى الجهات المختصة  لاجلاء رعاياه المغاربة ناهيك عن الخطة الاستباقية التي دعى اليها جلالته مستنفرا كل من الحكومة و الجهات المختصة لاحتواء هذا الوباء و الحد من انتشاره .. ليسارع امير المومنين ،  جلالة الملك محمد السادس نصره الله مرة أخرى و في مبادرة خلاقة بإحداث “الصندوق الخاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا”. وليس هذا بغريب عن سليل الدوحة الشريفة على مستوى القرارات المتخذة في مثل هذه الحالات الاستثنائية ، ففي

الوقت الذي اختار البعض تقديم المصلحة الاقتصادية التي تعد مصلحة جزئية سارع حفظه الله إلى تقديم المصلحة الكلية العامة فجعل المواطن وأمنه، وسلامة صحته، أولى أولوياته، فكانت تلكم الحزمة من الإجراءات الاستباقية والاحترازية، لأجل ذلك كان في المقابل هذا المستوى الراقي الذي أبانت عنه شرائح عريضة من المجتمع المغربي فانخرطت في هذه المبادرة، لتعلن للعالم كله عن خلق رفيع دفين في قلوب المغاربة، وهو حب الخير للغير، وحرصهم على المبادرة إلى الطاعات ،والتنافس في القربات، واستباق الخيرات، امتثالا لقول الله عز وجل: “فاستبقوا الخيرات

لقد أدرك المغاربة أن فعل الخير والمسارعة إليه في وقت الرخاء من أسمى المقاصد وأنبلها شرفا فكيف يكون الحال في زمن كورونا حيث حالة الضرورة وقد وجد في الناس من هو في حكم الملهوف الذي أوجب الشرع إغاثته قال صلى الله عليه وسلم: «من نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا؛ نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ فِي الدُّنْيَا؛ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي الدُّنْيَا؛ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

واليوم في خضم الحياة وصروفها وتهافت أهلها في جمع حطامها فإننا ولا شك أحوج ما نكون إلى التراحم والتعاون والتضامن وقد أصبح السواد الأعظم من سكان الأرض ينظر إلى هذا الفيروس وهو يتربص به حتى لا أحد من الناس يدعي السلامة والنجاة، إن دعوتنا اليوم إلى تثمين المبادرات الخلاقة التي أطلقها مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله و نصره والانخراط فيها هي في الحقيقة دعوة إلى الحياة، ودعوة إلى التراحم وإظهار المواساة بين الناس تعبيرا عن شعور إنساني نبيل ينبئ عن صفاء معدن المتصف به تجاه المنكوب المكلوم، ومواساة للمستضعف المغلوب، واستحضارا للمعنى الرباني لقوله تعالى: “جزاء وفاقا

وقد عرف العرب عبر التاريخ بتقديم الغير على النفس وتنافسوا في ذلك وفي المقابل اعتبروا التخلف عن مساعدة المحتاج معرّة ومسبة نفروا منها نفورهم من المجذوم واعتبروا الذي لا همة له في مد العون للمحتاج كالحي الميت، ومن ذلك ان اعرابيا أقبل على احد الاغنياء الوجهاء فدخل عليه في مجلسه فقال له الوجيه ما حاجتك يا أعرابيفطلب منه مالا لما

يعرفه من غناه وكرمه، فاعتذر له ولم يعطه شيئا، فطلب منه أن يكتب له وصية للوالي لينفعه بشيء فاستعفى، فطلب منه أن يضمنه عند دائن له ليمهله في سداد دينه فتأسف، فطلب منه أخيرا أن يسمح له في المبيت عنده ليلته إذ هو غريب عن المنطقة فرفضفإذا الأعرابي يأخذه الغضب وينشد مرتجلا:

إذا كنت لا ترجى لدفع ملمة……..ولم يك فى المعروف عندك مطمع

ولا انت ممن يستعان بجاهه…….ولا أنت يوم الحشر ممن يشفع

فعيشك في الدنيا وموتك واحد……..وعود خلال من وصلك أنفع

إن من تمام عدل الدّيان أنه كما تدين تدان، وأن الجزاء من جنس العمل، ومن لا يرحم لا يُرحم، وأن من جعل ذاته مركز حياته ومحورها فقد أغلق على نفسه أبواب خير قد لا يتأتى له فتحها مرة أخرى، الوطن اليوم في العصر الحديث يمد يده للمخلصين من أبنائه – وكل المغاربة ولا شك ذلك الرجل- وهي محطة فارقة في تاريخ الوطن وتاريخ من سيضعون بصمتهم إما إيجابا أو سلبا، وقد فتح مولانا أمير المؤمنين هذا الباب من الخير أمام الناس فإما معتقها  أو موبقها فخلِّص رقبتك ما استطعت في الدنيا من رقِّ الآخرة، فإنَّ أسير الآخرة غير مفكوك.

رفع الله عنا الوباء ودفع عنا البلاء إنه ولي ذلك والقادر عليه.




1 Comment

  1. جزاك الله خيرا أستاذنا الجليل الدكتور رضوان غنيمي عن هذا الموضوع في شأن التآزر والتضامن مع من في خصاص بالأحرى في هذا الظرف الصعب مع المصيبة ذاء الكورونا الذي اجتاح العالم دون سابق إنذار وكما أشرت الى المبادرة الطيبة من صاحب الجلالة محمد السادس حفضه الله من كل سوء وأبقاه ملاذا وعطوفاعلى الأمة والشعب المغربي الذي جعله أولى من الجانب الإقتصادي خلاف بقية الدول الأخرى التي خافت على الكساد المالي ونشكرك الدكتور رضوان على إثارة هذه الإلتفاتة المولويةنحو شعبه حيث كانت باذرة خيرسار على منوالها كل مواطن غيور يقدر هول الحدث فشكرا لك دكتوروقانا الله وإياكم من كل سوء ورفع عنا هذا البلاء في أقرب

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


52 − 47 =