جريدة المنبر المغربية .. بقلم الدكتور رضوان غنيمي أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالسمارة
لقد شئنا وشاء الله ولا يكون إلا ما شاء الله فهل من معتبر .
لقد نقلنا المرحوم ريان من خلال محنته وابتلائه من واقعنا البئيس الممزق بالخلافات المفتعلة داخليا وخارجيا إلى رحاب الأخوة في الإنسانية التي تذوب في كنفها الحسابات الضيقة حيث يكرّم الإنسان فقط من حيث هو إنسان، دون اعتبار لما نشأ بعد ذلك من الاعتبارات الإنسانية، الوضعية، المطبوعة بطابع القصور والنسبية، نعم اقتضت الحكمة الربانية والإرادة الإلهية أن تهزنا محنة ريان رحمه الله هزا تصرخ في آذاننا تذكرنا بأن ما يجمعنا بوصفنا بشرا أعظم بكثير مما يفرقنا مما اختلقناه ولم يكن موجودا، خمسة أيام بلياليها مُحصت خلالها الأنفس، وظهرت فيها معادن الناس، أيام عصيبة بلساننا ونحن نتابع عبر شاشات القنوات وعبر مواقع التواصل التي طهّرها المرحوم ريان بمعاناته بمحنته بابتلائه، أزال التفاهة، قهر الاسفاف نقّى حواسنا مما كان يطرقها في كل ساعة من صور الابتذال، جدّد في نفوسنا قيمة التضرع إلى الله.
لقد تعلمنا من محنة ريان أن البشرية بالفعل ما تزال قادرة على تجاوز سفاسف خلافاتها ولمم صراعاتها، ما تزال تمتلك مقومات استرداد آدميتها التي استحقت بها التكريم الإلهي لتحيا قيم التضامن والتعاطف والتوادّ من جديد، لقد أحيا فينا ريان من جديد جذوة الإنسانية المجردة وإلا لأي داع استجابت الإنسانية عبر العالم ممن وصلهم خبر محنة ريان رحمه الله؟
لا خلاف أن الإنسانية اليوم قد استحقت العزاء في فقد ريان رحمه الله، شعور تعاطف إلى حد البكاء في البيوت وما أظن بيتا مغربيا –على الأقل- قد غاب عنه هذا الشعور، وهو شعور افتقده الناس أو كادوا، إلى أن أوقد شعلته من جديد موت ريان رحمه الله.
أيها الناس لقد مات ريان رحمه الله بعد أيام بلياليها قضاها مع الخوف والجوع والعطش وظلمة ما تحت الأرض إنها الظلمة التي تطاردنا جميعا، تنادينا جميعا، تنتظرنا جميعا، مات ريان رحمه الله وترك للناس ما يعتبرون به، مات ريان وقد جمع في أيام محنته ما فرقته أيام الدّعة.
لقد اجتمع في مأساة ريان ما لم يجتمع في غيرها حيث اختلاط مشاعر الوطنية التي حفت دوار إغران ومشاعر الخوف على ريان ومشاعر الفرح بالوصول إليه ثم مشاعر الحزن والألم والتسليم والاستسلام لقضاء الله وحكمه وقد اختار ريان إلى جواره عز وجل.
عزاؤنا في فقد ريان معاشر الإنسانية أنه أحيا فينا لحمة التضامن وقيم الانتماء لهذا الوطن من جديد.
نعم سعينا جميعا كل من موقعه وبما تيسر له إلى نجدة ريان رحمه الله، وقد سجلت أيام محنته الخمس صورا جميلة من مشاعر الحب والإنسانية والوطنية… لكن صدق رسول الله ” وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ” .
رحمك الله يا ريان فقد ألنت لنا قلوبا قاسية .
قم بكتابة اول تعليق