بقلم الدكتور رضوان غنيمي .. أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالسمارة
قال الإمام الشافعي قديما ..
إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تَجِبهُ فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ
فَإِن كَلَّمتَهُ فَرَّجتَ عَنهُ وَإِن خَلَّيتَهُ كَمَداً يَموتُ
وهو كلام وجيه أثبتت التجربة الإنسانية صوابه ولا شك، لكن قد نخالف مقتضاه في بعض الأحيان مراعاة لمستوى دركات السفه الذي قد يصدر عن السفيه، ومن السفه ولاشك ما يكون الرد عليه مطلوب الفعل بخصوصه، خصوصا إذا كان فيه تدليس على المسلم، وإذا كان فيه ضرب لقيمه، وثوابته، وقد كثر السفه من هذا النوع وضرباؤه مؤخرابشكل جعله سريع الانتشار كأنه الفطر السام،خصوصا حينما يستعمل أبواق الإعلام الذي يفترض فيه أنه يبني ولا يهدم ويجمع ولا يفرق،لكن شتان بين ما ينبغي أن يكون و ما هو كائن، ومع ذلك ليست القضية محصورة هنا، وليس هذا دافع كتابة هذه الكلمات وإنما المصيبة حقد دفين وكره مقيت يطفح من أفواه ممن يحسبون على هذا الوطن تجاه ثوابت هذا الوطن، وأعمدة هذا الوطن ( الأساتذة) وكأنها حرقة قديمة في قلوبهم تجاه رجال العلم والمعرفة، يغيظهم أن يقبل أبناؤنا على ثوابت بلدهم، يؤلمهم اجتماع شبابنا على دينهم، يؤرقهم ويقضّ مضاجعهم تفقه الشباب في دينهم، نعم قد نقبل ذلك منهم من منطلق أن الإنسان عدو ما يجهل، ونلتمس لهم العذر بجهلهم بحقيقة ما يدرسه أبناء المغاربة في مادة التربية الإسلامية، نتجاوز عنهم لعذر جهلهم الفروق الحاصلة بين البرامج والمناهج والمقررات ، نعذرهم بسبب جهلهم أن التلاميذ لا يدرسون في مقررات البكالوريا نواقض الوضوء، نقبل سفههم بسبب سبق جهلهم واقتحامهم موضوعا من أخطر المواضيع التي لا يخوض فيها إلا متخصص خريت أو غر جاهل كأصحابنا، لا نؤاخذهم بما قالوا ونعدّ ذلك سفها ولغوا من العوام في شأن لا يخوض فيه إلا العلماء، لكن مع تجاوزنا عنهم لعذر الجهل والتقحُّم نتساءل ما علاقة هؤلاء بموضوع ذي أهمية من حجم التعليم؟ هل جفّت ينابيع العلم وفُقد أهل التخصص حتى نستضيف الرويبضة ليتكلموا في ملف من أصعب الملفات وأعقدها ؟، كيف يُسمح لأشخاص فشلوا في تدبير ملفات كانوا قد كلفوا بها أن يتطاولا على بُناة الأوطان؟ أم أن الحرص على إثارة الجدل ولفت الانتباه والرفع من عدد المتابعين أصبح هو الهاجس ولو بالفضائح؟
لكن أعود فأقول لا بأس أن نُجري على مقدم البرنامج ما أجريناه على ضيوفه في عدم المؤاخذة بسبب تخبطهم في أدنى دركات الجهل المكعب، كيف لا وهو كبيرهم الذي يزعم أن الطلاق فيه “البينونة الوسطى” وقد قيل قديما:
إذا كان رَبُّ البيتِ بالدفِّ ضارباً فشيمةُ أهلِ البيت كلِّهِمُ الرَّقصُ
لا يخالف منصف أن ما تفوه به صاحب البرنامج وضيوفه من استهزاء بشعائر المغاربة التعبدية، والتعريض بثوابتهم الدينية،وتطاولهم على المؤسسة العلمية سلوك مستفز، وأكثر استفزازا منه سكوت أساتذة هذه المادة خصوصا وجسم الأستاذ بشكل عام عن الرد عن هذه الاتهامات وهذه التصريحات المستفزة، حقيقة أنه لا يستشعر حرقة الغيرة على هذه المادة النبيلة إلا من شَرُفَ بتدريسها وأبدع في تقديم مضامينها وتقريبها من التلاميذ، لكن المسألة أكبر من ذلك بكثير فهؤلاء تناولوا باللمز والقدح والتجريح والاستهزاء ديننا، وثوابتنا، ومؤسساتنا، وبرامجنا…، وهذا مما لا ينبغي السكوت عليه، ولا تجاهله، والإذاعة المعنية ملزمة بتقديم اعتذار رسمي للمغاربة عموما وللأساتذة خصوصا أساتذة مادة التربة الإسلامية بشكل خاص، لأن السكوت في وجه هؤلاء الأقزام إنما يزيدهم طغيانا وتجبرا وجراءة.
فإذا قلت فأسمع وإذا ضربت فأوجع فإن العاقبة واحدة .
إن أمة يهان فيها المعلم والأستاذ هي أمة حكمت على نفسها أن تكون في ذيل الأمم، ومن كان ذيلا ذُلَّ .
قم بكتابة اول تعليق