
المنبر المغربية .. بقلم الدكتور رضوان غنيمي .. أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالسمارة ..
غريب عجيب أمر الغرب وأهله، لأجل ذلك تعب من تعلق بهم، وسار على نهجهم، ومال في اختياراته ميولاتهم، لأنهم لا يستقرون على حال حتى في قناعاتهم، أو بالأحرى ما يحسبونه قناعات، وإلا لما كانت سرعة ارتدادهم عنها، ففي الوقت الذي يكتب فيه المغاربة تاريخا كرويا جديدا، ويؤسسون من خلاله لقيم عالية، وأخلاق راقية، تسمع من هنا وهناك هرطقات تنفثها صدور الكثيرين منهم ممن انتشوا بسكرة فهومهم، فخُيّل إليهم أنهم السادة وما دونهم العبيد، وأنهم القادة وسواهم تبع لهم، وأنهم نواة الفهم، وأصل التحضّر، ومنبع القيم، فتارة قالوا مدرب المنتخب المغربي يستغل الأمهات والآباء، فلما أمعن شباب المنتخب الوطني في إشراك آبائهم في كل فرحة وبشكل أكبر أفل نجم بهتانهم وبهتوا فرجعوا فقالوا لا نحب الآفلين، ثم قال قائلهم ما بال كل العرب يفرحون لفرح المغاربة ؟، ما بال العلم المغربي يرفرف في جميع البلاد العربية وغيرها ؟ فلما ازدادت فرحة المسلمين في كل أقطار الأرض بانتصارات المغرب المتتالية وأفل نجم سُمّهِم من جديد، رجعوا فقالوا ما بالنا نحن لا يفرح بعضنا لفرح بعض ؟ فأجابهم بعض عقلائهم افعلوا كفعلهم ينالكم ما نالهم، اصطحبوا أمهاتكم معكم لعله يصبكم بعض الذي أصاب خصومكم، فقرر كبيرهم أن يصطحب معه أمه، لكن هيهات هيهات، فليست الأمهات كالأمهات، ولا الدعوات كالابتسامات ، وإن الله لا يجرب، ولكن قرارات مماثلة من شأنها أن تشعرنا بنعم لربما كانت غائبة عن أذهان الكثيرين منا، بداية من محورية الأسرة والعائلة في حياتنا ووصولا إلى روابط وأواصر الأخوة الإيمانية التي تتكسر على عتباتها جميع بوادر الفرقة والشقاق، وهي مشاعر لم يذق غير المسلمين طعمها، وإلا لنافسونا فيها، قال الله عز وجل: “رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ” فإن لم يكن من حسنات هذا المونديال إلا أن يعلم غيرنا أننا نحن الناس بديننا، بقيمنا، بحضارتنا، بأخلاقنا، لكان كافيا، لقد هيّأ الله تعالى لنا هذا المناسبة لنعيد كتابة ما ينبغي أن يفهمه غير المسلمين عنا، وهي دعوة لنا جميعا لنتذكر أن قيمنا المستمدة من ديننا هي الأصل، وهي الحق المطلق، أما ما تعلق بالقيم الإنسانية منا أو من غيرنا فنشترك فيها، كما تشترك هذه القيم نفسها في كونها قاصرة متغيرة، ولربما آن الأوان ليعلم أولئك أن ما توهموه قيما لقرون خلت، إنما سميت قيما تجوّزا لا حقيقة، ليس مبعث هذا الكلام نشوة فرحة عابرة، ولا خواطر ليلة شاتية، بقدر ما هي الحقيقة التي جهلها من جهلها، وسعى إلى طمس معالمها من سعى، لكن هيهات هيهات.
قم بكتابة اول تعليق