تدوينة فايسبوكية ” خروقات في الخبرة الطبية “التي أجريت على الصحافية هاجر الريسوني ، تخلق الجدل بين مؤيد و معارض ..

نشر الدكتور هشام بنيعيش، رئيس مصلحة الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي ابن رشد بالدار البيضاء، تغريدة على منصة  التواصل الاجتماعي الفايسبوك  سجل فيها ما اعتبره “خروقات في الخبرة الطبية” التي أجريت على الصحافية هاجر الريسوني، حيث أثارث تفاعلا كبيرا بين مؤيدين لما أدلى به، وبين من أبدوا امتعاضا من ذلك.

وفي الوقت الذي ابتهج فيه نشطاء حقوقيون وأيضا أصدقاء وزملاء الصحافية هاجر الريسوني، التي حُكم عليها بسنة حبسا نافذا بتهمة “الإجهاض وممارسة الجنس خارج إطار الزواج”، بما خطه الطبيب الشرعي، لم يُخف عدد من الأطباء وذوي المهنة غضبهم من تدوينته الفيسبوكية التي ناقش فيها حيثيات الخبرة الطبية التي قدمها طبيب أخصائي في الرباط.

وأبدى أطباء رفضهم التام لما أسموه “الهجوم الإعلامي غير المبرر الذي مارسه الطبيب المعني في حق زميله الأستاذ الجامعي في الطب، الذي لم يقم سوى بما يمليه عليه الواجب المهني والقانون”، في إشارة إلى الطبيب الأول الذي أكد وجود حمل وإجهاض إرادي اقترفته الريسوني .

وطلب أطباء من الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء ومن المجلس الوطني للأطباء أن يمارسا صلاحياتهما القانونية والتنظيمية في حق الطبيب الشرعي، الذي ــ بحسبهم ــ “ضرب بعرض الحائط أخلاقيات مهنة الطب وواجب التحفظ، واختار الهجوم غير المبرر على زميل له مشهود له بالكفاءة في المغرب والخارج، وكال له التهم المجانية رغم انتفاء ما يدعم استنباطاته ويعززها ” .

ولفت أحد الأطباء ممن تحدثت إليهم هسبريس إلى أنه “عوض أن يعبر الطبيب الشرعي عن خلاصاته ورأيه الطبي في النازلة في إطار الهيئات المؤسساتية، وضمن القنوات الرسمية التي تؤطر مهنة الطب، آثر الخروج الإعلامي في قضية مازالت معروضة أمام محاكم الدرجة الثانية، كما أنه صاغ أفكاره في شكل (خبرة مضادة)، وهي مسألة مرفوضة مهنيا وقضائيا، إذ لم يعهد القضاء للطبيب المعني بالتعقيب على الخبرة ولا تقييمها، كما أن الهيئة الوطنية لم تسجل ما يسمح لطبيب بالتعليق على الخبرة المذكورة ” .

وأردف المتحدث ذاته، الذي فضل عدم الكشف عن هويته للعموم، أن “الركون إلى الفقرة الأخيرة من المادة 92 من القانون المنظم لمهنة الطب للهجوم على بروفيسور زميل، مسألة فيها رجم بالغيب، يشغل فيها التكهن والتنجيم هامشا أكثر مما يشغله حيز الحقيقة والواقع”.

المادة المذكورة، يضيف المصدر عينه، تنص على ما يلي: “يجب على الطبيب الخبير قبل مباشرة الخبرة إطلاع الشخص موضوع الفحص بالمهمة المنوطة به وبالإطار القانوني الذي تمت استشارته فيه. ويجب أن تقتصر خلاصاته على الأسئلة موضوع الخبرة”.

وتساءل الطبيب المتحدث: “كيف يجزم زميلنا الطبيب الشرعي بأن البروفيسور الذي باشر الفحص لم يخبر السيدة الخاضعة للخبرة بالفحص المنجز؟ وكيف له أن يتكهن بأنه أجرى الخبرة عنوة بدون رضا المعنية بالفحص؟”، قبل أن يجيب بأن “قانون مهنة الطب يتحدث لزوما عن الاطلاع (الإشعار) ولم يشترط تدوين ذلك الإشعار في تقرير الفحص أو في الخبرة، وذلك خلافا لما دأب عليه المشرع في المحاضر التي ينجزها ضباط الشرطة القضائية ( المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية) .

الدفع بعدم احترام السر الطبي الذي أثاره بنيعيش، يرد عليه الطبيب المتحدث بأنه كلام “فيه التفاف على الحقيقة؛ إذ إن أسئلة الطبيب كانت بإيعاز من العدالة، ووجهت إلى العدالة، والطبيب البروفيسور غير مسؤول عن تسريب الخبرة أو عرضها للتداول إعلاميا ” .

واسترسل المتحدث قائلا: “كما أن الأجوبة التلقائية للسيدة الخاضعة للفحص تؤكد أنها لم تخضع لأي استجواب ماس بالكرامة ،  إذ كان ممكنا أن ترفض ببساطة الإجابة، وأن تمتنع عن قبول الفحص، والطبيب وقتها كان سيضمن الرفض وانتهت المسألة”، متابعا بأن “المعنية بالأمر قبلت الجواب على أسئلة بشكل تلقائي، وهو ما يرفع الحرج والمسؤولية عن الطبيب ” .

وختم الطبيب تعليقه على هذه القضية بالقول إن “اتهام بروفيسور زميل بجرائم مفترضة دون إثبات يشكل جريمة القذف، كما أن التكهن بما جرى بينه وبين سيدة خضعت للفحص هو تنجيم وليس مزاولة لمهنة الطب، زيادة على أن هذه المهنة تتطلب وجوبا القيام بالفحوصات الطبية وليس التدوين الافتراضي في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل لا يراعي احترام ضوابط الزمالة وأخلاقيات المهنة ” .

وشدد المصدر الطبي على أن المؤسسات الطبية الوطنية يجب أن تتدخل في هذه النازلة لوضع حد لفوضى التصريحات غير المبررة، لأن مهنة الطب لم تخلق كوسيلة لـ” البوز الإعلامي، وليست مطية لممارسة الأستاذية على زملاء مشهود لهم بالكفاءة في تخصصات أخرى”، وفق تعبيره .

وكان رئيس مصلحة الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي ابن رشد بالدار البيضاء قد تطرق في تدوينته إلى أن “الطبيب الذي أنجز الخبرة ملزم باتخاذ عدد من الإجراءات التي ينص عليها القانون المتعلق بمزاولة مهنة الطب والتي بدونها تصبح الخبرة باطلة، وأولها إطلاع الشخص الخاضع للخبرة قبل إجرائها على الغرض منها والإطار القانوني الذي تمارس فيه، ثم أخذ الموافقة منه ” .




قم بكتابة اول تعليق

أترك لنا تعليق

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


3 + 3 =